8‏/8‏/2014



رأس المال في القرن الواحد والعشرين

عبد الله الدرويش/
إجازة في النقد والأدب
السوق المنفلت، إزالة دعم الفقراء، الخصخصة المعفية من الرقابة الشعبية والمحاسبة، لتشجيع الاستثمار واستعادة النمو، اتساع الرخاء ليعم البسطاء.
كلمات جوفاء، تكشف حقيقة البلاء، الذي يعم الأنحاء، ويستطير شرره إلى الفضاء.
هذا ما ستجده في (رأس المال في القرن الواحد والعشرين)، وهو كتاب في الاقتصاد، مكتوب بلغة بسيطة يفهمها القارئ العادي، يتصدر المبيعات في العالم غير العربي، يثير السخط الصحفي لما تضمنه من تحذيرات شديدة اللهجة لأنه يمثل تهديداً حقيقياً للنظام الاقتصادي الرأسمالي.
والكاتب أستاذ في مدرسة باريس للاقتصاد، اقتصادي فرنسي كبير (توماس بيكيتي): ليس شيوعياً لم يقرأ ماركس أصلاً، ومؤمن بالاقتصاد الحر، ولكنه يرى أن انفلات السوق سيؤدي لكارثة..
جوهر الكتاب: معدل ربحية رأس المال، يزيد دائماً ــ في جميع الظروف، وفي كل الأوقات ــ عن معدل النمو العام للإنتاج، سواء كنا في فترات رخاء، أم فترات أزمة اقتصادية. مما يؤدي لتكدس الثروة دائماً في يد القلة. مما بعني القضاء المبرم على الحلم الرأسمالي بأن الكل سيصبح غنياً بقليل من الصبر والكفاح، وستزداد الهوة بين الأغنياء والفقراء، ولن تتناقص مع مرور الزمن.
وينتج عن ذلك فساد عجلة الإنتاج، لتراجع القوة الشرائية لعموم الناس، المستهلكين. في العالم المعاصر تزداد القدرة الإنتاجية، وتركّز الثروة في يد القلة فقط يقلل من القدرة على استهلاك المنتجات. والنتيجة كساد المنتجات، وبروز الأزمات الاقتصادية. عايشنا منذ أربع وعشرين سنة الأخيرة خمس أزمات مالية كبيرة:
سنة 1992 في أوروبا،
سنة 1997 في آسيا،
سنة 1999 في روسيا والأرجنتين،
سنة 2001 في الولايات المتحدة مع انهيار أسعار أسهم شركات التكنولوجيا والعقارات،
ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية التى بدأت سنة 2008 ولم تنته حتى الآن.
بينما احتاج الأمر أربعين سنة بين الكساد الكبير (1929-1930) وبين الأزمة الاقتصادية التالية سنة 1971 عند فك ارتباط الدولار بالذهب.
إن غياب الحلول الواقعية لتصاعد الفوارق الاجتماعية داخل المجتمعات الغربية من جهة، وبينها وبين المجتمعات الفقيرة في أفريقيا وآسيا من جهة أخرى، ينذر بواقع متفجر يشبه صعود الأفكار القومية والعنصرية التي سبقت الحربين العالميتين الأولى والثانية. ذلك أن الفئات الشعبية قد تحول سخطها الاقتصادي إلى الآخر، الغريب، الذي لا يتكلم لغتها ولا يدين بديانتها ولا يملك سماتها الجسدية، فيصبح ذلك الآخر نقطة تركيز الكراهية المجتمعية، العدو القومي أو الديني الذي تنسب إليه الشرور كافة. وهكذا تفضي توقعاته للقرن الحادي والعشرين إلى شبه تكرار للأجواء القومية العنصرية والفاشية التي واكبت الحرب العالمية الأولى (1914-1918) والحرب العالمية الثانية (1939-1945). فالنخب الاقتصادية الحالية الجامعة للثروات الهائلة، قد لا تملك البصيرة الكافية لتدرك أن حركة العولمة والسوق العالمية هي محرك نشاط الاقتصادي الذي يتيح لها تراكم ثرواتها، وبالتالي قد لا تكون قادرة على حماية تلك العولمة والانفتاح على السوق الدولية، من التيارات السياسية القومية التوجه، العنصرية النزعة.
الكتاب صرخة تحذيرية للسياسيين ومن يدور في فلكهم من الاقتصاديين، ليتداركوا الخطر قبل وقوعه..
فهل من مستجيب..؟!!
Critc78@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق